النجف نيوز – الفوتوشوب يجمّل وجوه مرشّحي الانتخابات المحلية في العراق
النجف نيوز
رسمت الحملة الدعائية الخاصة بانتخابات المجالس المحلية في العراق، والمزمع إجراؤها في العشرين من ابريل المقبل، شكلا آخر للمدينة العراقية .
فالألوان الزاهية المختلفة ، واللوحات واليافطات المتنوعة ، تحمل شعارات تنسخ بعضها ، قلباً وقالباً ، اختلطت فيها الاهداف بالأساليب ، ليتمخّض عن كل ذلك مشهد اعلاني فوضوي ، تزاحمت فيه الاسماء والملصقات ، وانحسرت عنه حرفية الاسلوب ، وحداثة التقنيات.
فاغلب المرشحين ، يشتركون في الاشهار عبر اليافطة أو الملصق التي تحمل في الغالب اسم المرشح ، وصورته الفوتوغرافية التي بدت نقيّة كالثلج ، وهندامه الذي رسمته ريشة الفوتوشوب ، حتى ظهر المرشح في شكله ومظهره كمثل فارس من بلاد الثلج .
لكن الغبار والأتربة التي هبت في الايام القليلة الماضية ، اتاحت للصور ان تبدو أكثر (واقعية) بعدما ازالت تقنيات التجميل كل مثالب وعيوب المرشحين الظاهرية .
البرنامج السياسي
و ما يلفت انتباه كريم الوائلي ( مدرّس) ، ذلك الابراز المتضخم لاسم المرشّح وصورته من دون ذكر البرنامج السياسي او الشعار العام الذي يتصدر اجندته .
يستدرك الوائلي: ” تدفق صوريّ هائل يُدْخِل المواطن في متاهة الإختيار ، فالتشابه (إشكاليّ) ، في الأسماء ، مثلما الصور” .
ويتمنّى الوائلي لو أنّ المرشّحين اكثر ذكاءاً ، فبرعوا في إبتكار أساليب إستثنائية و (طروحات) ذكية .
لكنهم – والقول للوائلي – يتشابهون في التسابق الى (المعارف) والعشيرة والحرص على شبكة قوية من العلاقات ، لجمع الاصوات وكسب التأييد ، بعدما اقتصرت دعايتهم على يافطات وإعلانات غطّت الجسور والحيطان ، مثلما الأشجار ، والأرصفة العالية ، وسدّت الأفق .
أساليب بدائية
غير أنّ هذه الأساليب البدائية في الدعاية بدت واهية ايضاً وهي تتخاذل أمام قوة الريح وعواصف التراب ، فانتكس بعضها منطوياً على نفسه ، وسقطت أخرى على الأرصفة والشوارع .
وجوه ليست حقيقية
ويتحدّى برهان جعفر أي مرشح وضع صورته الحقيقية على دعايته الانتخابية ، فقد بدى جميعهم بألوان الفوتوشوب وفرشاته ، في حُسْنِ اخّاذ ، بلا تجاعيد أو شَعَر أشْيَب ، وبوجْهِ صافِ كالحليب ، لم تؤثّر فيه شمس العراق الحارقة .
يقول قيصر حميد الذي يؤشّر بإصبعه الى صورة مرشّح :” أعرفه عن قرب ، لكنه ليس هو ، فقد أخفت تقنيات التجميل ملامحه الحقيقية ، وبدا في سن أقل بكثير من عمره الحقيقي ” .
الحماس على خدمة الناس
ويتنافس في الانتخابات المحلية 8100 مرشحا يمثّلون أحزاباً وكتلاً سياسية في اتجاهات مختلفة ، على 447 مقعدا في 14 محافظة عدا كركوك ومحافظات إقليم كردستان الثلاث .
وفي سخرية لا تخلو من المرارة ، ينتقد جعفر ياسين (مدرّس) تسابق اقرباء وأصدقاء وأفراد أسر المرشّحين على حجز جدران المدن والأبنية في المواقع المزدحمة ، أو تلك التي تقع في الشوارع الرئيسية .
يستدرك جعفر :” انهم يتبارون حتى على (احتلال) اعمدة الكهرباء والأشجار بالدعايات ” .
“ويا ليتهم يتسابقون بمثل هذا الحماس على خدمة الناس اذا ما فازوا في الانتخابات ” ، يسترسل جعفر .
بل ان جعفر يشعر بالقلق من “عدم إزالة (الدعايات) وتنظيف الاماكن العامة بعد انتهاء فترة الانتخابات” .
لكن جعفر لا يخفي فرحته بالديمقراطية في العراق التي أتاحت للمواطن العراقي ، التعبير عن أفكاره وأهدافه عبر الاختبار الحر لمن يمثّله في مراكز القرار” .
حرس قديم .. جديد
والمتابع للمشهد الدعائي الانتخابي ، يميّز بين حرس قديم ، بدت ملامح البذخ واضحة على فعالياته الانتخابية وهو يروّج لأجندته بين القصبات والعشائر ويحشّد اعيان القوم والنُخب للتصويت له ، وبين وجوه شابة جديدة تسبح في تيار بدى متقلباً في اتجاهات تياراته ، ووجوه أخرى تصنّف نفسها بانها (مستقلة) ، ومواردها شحيحة بسبب ذلك ، مستدرة عطف الناخبين .
التأثير الايجابي
بل ان مواقع الدعايات وإستراتيجيتها ، دلالة على اهمية المرشح ، بحسب تفسير الباحث الاجتماعي رعد الخفاجي ، فكلما ( ثَقل) وزن المرشح ، وازدادت اهميته بموجب علاقاته الحزبية والعشائرية ، احتلّ من الامكنة اهمّها ، عارضاً فيها بضاعته الانتخابية بالإبهار والترف .
ويستدرك الخفاجي :” وإمّا المرشح (الفقير) فتنزوي دعايته الى الخلف ، وفي الاماكن الاقل اهمية ” .
وعلى العموم ، فان الدعاية هي فن التأثير الايجابي على الآخرين ، ومحترفوها يبتكرون اساليب بيع الأفكار وربح الاصوات ، لكنها في العراق لا تتعدى في وسائلها استغلال الاماكن العامة القريبة من الجوامع والحسينيات والأماكن المقدسة والجسور والواجهات البادية للعيان ، والشوارع المزدحمة والملاعب والتجمعات العشائرية والفرق الشعبية ، وكلها ، قبلة المرشحين في الدعاية .
الدعاية الرقميّة
على ان الدعاية الانتخابية في العراق تشهد للمرة الاولى في تاريخ الانتخابات ، استخدام الدعاية الرقمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات ، لكنها على رغم الزيادة المضطردة في استخدامها تبقى أقل زخماً مقارنةَ بدول العالم المتقدمة .
وفي هذه المواقع يلمح المراقب فعاليات مختلفة لمرشحين ، يضخّون صورهم وشعاراتهم في التيار الرقمي بغية كسب الاتباع ، لتتحول هذه المواقع الى مراكز جدال حول الاجندة الانتخابية وشخصيات المرشحين ، كما التقط البعض صوراً لأساليب الدعاية الغريبة ، منها دعاية انتخابية لمرشّحة وضعت اسم زوجها وصورته على لوحة الدعاية الانتخابية ممّا أثار جدلاً كبيراً حول الاسلوب الغريب المتبع في الاشهار .
تقنيات بدائيّة
ويرْدَفَ كلام مصمم الاعلان علاء القاضي ، حول تقنيات الاشهار بالقول ان ” الاعلان في المحصلة النهائية ليس عملية عشوائية ارتجالية كما يحدث اليوم ، بل هو اسلوب علمي يتطور وفق تقنيات حديثة متجددة ” .
وأحكم القاضي فكرته بالقول: ” ليس ثمة منهجية علمية في الاعلان لدينا ، وليس سوى (لافتات) القماش والورق و( الكارتون) في الدعاية للمرشحين ” .
المركز الخبري لشبكة الأعلام العراقي