النجف نيوز – ما بعد الإنتخابات … لا تجبر غيرك باتباع رأيك

أكتوبر 11, 2018
48

علي الحسني

حرية الفرد تمكن في تصرفه بما يشاء ويحب دونما أن يسيء للآخرين، ويخرق قواعد شرع الله عزوجل والذوق العام والتقاليد والأعراف الإجتماعية الحسنة، عند ذلك قل ما شئت، وعبر عما بداخلك، فهذا حق طبيعي كفله الله القوي العزيز للبشر قبل أن تسنه الدساتير والقوانين الأرضية الوضعية، ويدخل ضمن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب مصداق (الدين النصيحة ) ومن الطبيعي جداً، بل الضروري أن نستمع وننصت لآراء الناس خصوصا لمن يملكون أفكار قيمة من شأنها أن تغير واقعنا في هذا الجانب أو ذاك من حياتنا الدنيوية ولآخرتنا، وجميل أيضاً أن أرى الإختلاف في الآراء حول هذه النقطة أو تلك، كما حصل ويحصل الآن بخصوص إنتخابات مجلس النواب العراقي، علّنا بهذا الإختلاف أن نتواصل ونتقرب مع ومن بعضنا البعض ليكون قاسمنا المشترك هو العراق في ازدهاره ورقيّة وسلامته، لنعيش في كنفه أخوة متحابين الفرع هي طوائفنا وقومياتنا ودياناتنا ومذاهبنا، والأصل هي الإنسانية التي تجمعنا والوطن الواحد الذي يحتضننا، ومتى عرف الواحد منا دوره وواجبه ازاء بلده من المكان الذي هو فيه ضمن عناوين شتى بصورة صحيحة، أو على الأقل في حدودها الدنيا، مع المردود الإيجابي للحاصل الجمعي لما نقوم به من خدمة مجتمعنا على مستوى تطبيق النظام وفي السلوك والعادات والحق والباطل ومحاربة الفساد ورد الظلم، وانصاف المظلومين، عندها سنضع أقدامنا على الطريق الصحيح وهي الخطوة الأولى نحو مسيرة الإصلاح التي ينشدها الوطن ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) واليوم أنا بأشد الحاجة لرأيك وعونك وفكرك وعملك وأخوتك، مثلما أنت في كل بقعة من أرض العراق محتاج لي كذلك في تلك العناوين المهمة وغيرها، أما أن نبقى خصماء أنت في وادٍ، وأنا في وادٍ آخر ولا يسمع منا الآخر سوى صدى الفرقة والخلاف والتعنت والزام كل منا الآخر برأيه بسلطة القوة، أو بالفهم الخاطئ للحرية أو الديمقراطية، فتأكد يا هذا، أنا وأنت ونحن جميعاً سوف نبقى ندور في نفس الدائرة ونسير في دوامة لا يعرف عواقبها ومآسيها وأضرارها إلا الله الخالق الواحد القهار، ولن نخرج من دائرة الخلاف والدوران فيها  بعد زمن طويل، إلا وقد أعيانا  التعب وأرهقنا الدوار، ولم نعد نفهم ونستوعب ماذا يحصل فينا وعلينا ومنا؟!!! وها قد انتهى السباق المحموم للإنتخابات البرلمانية بانتهاء الإقتراع يوم أمس السبت (12/5/2018) على أمل ظهور النتائج خلال (28) ساعة حسب ما صرحت به مفوضية الإنتخابات بانتهاء العد والفرز الألكتروني، وليس من المستبعد اليدوي في الكثير من المحطات الإنتخابية، نكون قد وصلنا إلى مرحلة جديدة أكثر صعوبة وحرجة، ألا وهي تشكيل الحكومة المقبلة التي تعتبر الهاجس الأول والأكبر والأخطر في العملية السياسية برمتها، ما أتمناه أن نكون عند مستوى عالٍ عند الأفعال وردودها، ولا نسيء لبعضنا البعض لنكون ضحية من يريد بنا شراً وسوءً ويحيك ذلك في السر والعلن، قل وعبر لكن لا تحتكر رأيي وتجبرني على أن أصدقك في كل ما تقول، لا تلزمني أن أرضى بما ترضى، لا تقيد لساني وتجعله عاجزاً عن الرد، فمن حقك أن تصوت لهذا أو ذاك، لهذه الكتلة أو تلك، ومن حق غيرك أن لا يشارك في العملية الإنتخابية لأسبابه الخاصة والعامة، لا تقنعني بحججك دون دليل، تحدث عن الفساد وحارب المجرمين، وسأكون معك ناصراً وسنداً، أما أن تسقط هذا دون غيره، وتفضح سلوك فلان دون علان، وترفع شأن هذا الحزب وتشوه ذاك الحزب، فاعلم انك بعيداً عن قول الحق، لأن الظلم واحد، ومصدر الفساد منبعه واحد، والوجوه ذات الوجوه، فإما أن ننتفض سلمياً بكشف الفاسدين، ونتوحد بالتصدي لكل صور الظلم التي علقها الكثير من سياسيينا في بيوتنا وشوارعنا ومدارسنا رغماً عنا. قل ما شئت ولا تجبر غيرك باتباع رأيك، فكلمة الحق لا تحتاج للجبر ولا للتفويض، وإنما تدخل القلب بدون استئذان ليصدر صاحب الضمير الحي كلمته بالتضامن والعمل بما يستطيع لدفع الظلم بأي وسيلة كانت بعيداً عن العنف والتهديد والوعيد، وللضمائر الحية أقول حان وقت التغيير فلنبدأ من أنفسنا قبل فوات الأوان ولنحارب بقوة نزعة التبعية وحب الأنا والتعصب الأعمى، هذا يومنا من أجل خير الأجيال القادمة والله المستعان. 

التصنيفات : ارشيف الاخبار
استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والاعلان