النجف نيوز – مجلة السفير …مواقع التواصل الاجتماعي مكّب العقد النفسية والاجتماعية

أكتوبر 10, 2018
50

د. شريف سعيد حميد السعدي جامعة بغداد / كلية الإعلام

نحن نعيش جميعا عصر تكنولوجيا الاتصال والاعلام  وما يشير له المتخصصون  والمهتمون عصر الإعلام الجديد او البديل , التي أفرزتهالتطورات الكبيرة في وسائل الاتصال الحديثة , والصناعة اوالانتاج النمطي للأجهزةالحديثة والرقمية المتعلقة بتلك الوسائل المتمثلة بأجهزة الحواسيب الصغيرة  واللوحية , والأجيال المتقدمة  من الهواتف المحمولة الذكية , وارتباطها بثورة المعلومات. وقد ساعدت الى حد كبير الى تعريف افراد الجمهور بالإحداث والمعلومات لحظة وقوعها , إذليس على مستوى الاحداث العامة الجارية فقط ولكن الأحداث على المستوى الشخصي ايضا . ويشير الإعلام الجديد الى مجموعة تكنولوجيات الاتصال التي تولدت من التزاوج بين الكومبيوتر والوسائل التقليدية للإعلام الطباعة والتصوير الفوتوغرافي والصوت والفيديو, اوهو الطرق الجديدة في الاتصال مع البيئة الرقمية بما يسمح للمجموعات الاصغر من الناس بإمكانية الالتقاء والتجمع على الانترنت وتبادل المنافع والمعلومات ,وهي بيئة تسمح للأفراد  والمجموعات بإسماع أصواتهم وأصوات مجتمعاتهم الى العالم أجمع,وقد أسهمت هذه التطورات في تحقيق مجموعة من المميزات التي تُعَدُّ ابرز خصائص وسمات الاعلام الجديد كسمات تكنولوجيا الاتصال الحديثة المتمثلةﺑ ( التفاعلية , وتفتيت الجمهور(اللاجاهيرية) , والاتصال اللاتزامني, وقابلية التوصيل ، والشيوع والانتشار , العالمية او الكونية ,التأثير على المستفيدين , و ظهور ظاهرة الطبقية الاتصالية ) التي أتاحتللأفرادإمكانيات اتصالية غير متوفرة بالوسائل التقليدية (الصحف , الراديو , التلفزيون ) ومن ابرزها القدرة على تبادل الادوار بين المرسل والمتلقي، فضلا عن إمكانية التعرف على رجع الصدى او ماتسمىﺑ(التغذية العكسية) للجمهور مباشرة او بعد وقت قصير , وإمكانية الاتصال حتى في وقت عدم وجود الاشخاص على الانترنت والقراءة او الاستماع او المشاهدة لمضمون معين في وقت آخر أو إي وقت يشاء , وكثير من تلك المميزات التي جعلتها من اهم الظواهر في حياتنا اليومية , ناهيك عن ظهور شبكات ومواقع للتواصل الاجتماعي على قدر كبير من الاتصال الفعال بين جميع الافراد في ارجاء المعمورة ومن ابرزها موقع(الفيسبوك)  الذي أضحى من أهم وأكثر المواقع التي عن طريقه يقضي الأفراد جل وقتهم في النشر والتعليق والحوار ومتابعة مضامين معينة تتفق مع ميولهم ورغباتهم وتوجهاتهم السابقة وقد وفرت هذه المواقع مجموعة من الخصائص من بينها  انهاتقدم معلومات مجانية عن طبيعة العلاقات الاجتماعية بين افراد المجتمع وكذلك تسهم في التعرف على الآراء والمواقف ومشاعر وتوجهات الناس (الاصدقاء و الاقارب ) او العامة ازاء موضوعات وقضايا عديدة اضف الى ذلك انها تسهم في التعبير عن ما يدور في داخلالانسان  من هواجس وميول ذاتية  ومن ثمّتساعد الافراد في ان  تضفي عليهم وعلى الاحداث الجارية نوعا من الجاه عبر تسليط الاضواء تجاههما , وغيرها من الخصائص الاخرى التي توفرها لهم تلك المواقع , ان تلك المقدمة الطويلة التي اشرت لها بالتأكيد تشكل اهمية كبيرة وتسلط الضوء على وسيلة مهمة من وسائل الاتصال في هذه المرحلة من حياتنا .

لاشك ان لهذه الوسيلة مجموعة من الاثار او الانعكاسات السلبية والايجابية على المجتمع الذي نعيش فيه وكذلك على مستوى العلاقات الاجتماعية بين الاصدقاء والأقارب لاسيما ما نشاهده من نشاطات وتعليقاتوأفكار لشخصيات تهمنا جعلتنا نفهم تفكيرهم ونتعرف علىآراءهم وتطلعاتهم التي لم تسهم الحياة الماضية التي قضيناها معهم في التعرف على تلك المؤشرات والملاحظات عنهم , الثابت أنالأفراد يقومون بمجموعة من النشاطات والمشاركات ,الاعجابات, تعبر عن ما يدور في داخلهم وهي بالتأكيد تمثل اولويات في حياتهم  تقودنا الى إطلاق مجموعة من الاحكام والتساؤلات يجب ان نفهمها عند استخدامنا تلك المواقع او عند كتابة نشاط معين ,  من ابرز تلك التساؤلات: كم من الأصدقاء والأقارب تثيرهم نشاطاتك المستفزة لمشاعرهم و احاسيسهم ؟ , كم من الاصدقاء تفقدهم في الشهر الواحد على وجهة التقريب نتيجة ذلك؟ , كم من الاصدقاء تعجبهم نشاطاتك ؟, وكم من الاصدقاء عارض او ايد او علق على اخر نشاط لك على هذا الموقع ؟  وسط هذه التساؤلات نجد الكثير من النشاطات والتعليقات التي سوف تجعل من تلك الوسيلة ليس للتواصل الاجتماعي ولكن ستكون وسيلة ( للتخاربالاجتماعي)  , وهل أصبح الفيسبوك مكّب للعقد النفسية والاجتماعية لكثير من الناس عبر ما يقومون به من حوارات ونشاطات وتعليقات تعبر عن ذاتهم، وهل أصبح الفيسبوك مجس نستشعر من خلاله مواقف الناس وتوجهات وآراءهم ازاء موضوعات متعددة  , او هو كما قال احد الزملاء الباحثين الذييَعدَّ الفيسبوك احد مظاهر النشوز الاجتماعي والازدواجية في الشخصية وهي تمثل احدى اهم المخارج التي يبحث عنها الموقع بهدف ترسيخها سعيا منه لتحقيق الهدف الاهم وهو بناء المجتمع المدني على حساب المجتمع المحلي اي تفكيك الروابط المجتمعية عن طريق هدر الوقت والانفعال المرضي, كما يشير ايضا الى انه يمثل الطريقة الالكترونية للتلصص والانحراف الاجتماعي الذي يعتمد على معايير خاصة تقوم وفق ادبيات وثقافات كل بلد وان عمليةالخوض في الخصوصية ماهو الا سلوك شاذ تسعى الدول المتقدمة لغرسهِ سعيا منها لإخراج البلدان والمجتمعات من ثوابتها القيمية لأجل الوصول الى بُعد العولمة والتي تقوم على اساس الفئوية والعزلة فضلا عن الدمج الثقافي الذي يمسخ الخصوصية . وُيعَدُّالفيسبوك واحداً من اهم ادوات العولمة التي تسعى الى بناء مفهوم المجتمع المدني الذي يهدف الى الانتقال من المجتمعات المحلية التي تعتمد منظومة قيمية تحكم سلوكياتها في المجتمع الى مجتمعات مفككة تقوم على اساس الفرد المنتج وهي تحتاج الى اداة تسمح لها بربط هؤلاء الافراد بمنظومة ثقافية عالمية تعمل وفق معطيات التكنولوجيا بموجب اطار مُعَد سلفاً بحيث يكون العقل البشري اداة استعمال للمنتج.

أن المجتمعات المحلية تحتفظ بالمنظومة القيمية التي تمثل خصوصية المجتمع وهي تفتخر به لكن المجتمع العالمي الذي يسعى الى الاستحواذ ومسخ الاخر كان يحتاج الى ثغرة للنفاذ والاختراق عبّر المنظومة التكنولوجية التي اصبحت تمثل منظومة قيمية مسطرة على جدارها الالكتروني وقد سمحت هذه المنظومة للمجتمع ان يكذب اكثر وقد أصبح الكذب مبررا وقابلا للقبول في استخدام الصورة والكلمات وغير ذلك وهي احدى متطلبات التواصل الحداثوي . 

إن الموضوع الذي نحن بصدده موضوع كبير ومتشعب يحتاج الى دراسات وبحوث وتجارب بهدف إصدار أحكام واستنتاجات من شأنها ان تضع النقاط على الحروف ومن ثمَّ تضافر الجهود المنظمة للمراكز البحثية وكذلك الجامعات والمعاهد عبر وضع توصيات للجهات المختصة بهدف اتخاذ القرارات المناسبة في ذلك فكثير من الدول المتقدمة وضعت أساليب وطرق للتعامل مع هذه الظاهرة.لاسيما وجود عدد كبير من الشباب الذي يتأثر سريعا بالنشاطات الكاذبة والملفقة.

مجلة السفير الصادرة عن مسجد الكوفة

التصنيفات : ارشيف الاخبار
استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والاعلان