النجف نيوز – نهر الكوفة يحصد الارواح والغرق مأساة الشباب

أغسطس 30, 2018
87

تحقيق: علي الوائلي

 كثيرة هي المآسي التي يحصدها شاطئ الكوفة من ارواح الشباب في فصل الصيف فمع كل فصل صيف لاهب يلجأ العديد من الشباب للترويح عن انفسهم ولإطفاء حرارة اجسادهم من خلال السباحة في هذا الشاطئ الكبير واكثرهم لا يحمل معه اي أدوات او معدات تحميه من الغرق ليكون صيدا سهلا يجرفه ماء الشاطئ بسرعته .

وهناك تقف السيدة ام حسن على ضفاف شاطئ الكوفة تناجي ولدها الغريق «حسن» وعيناها مليئة بالدموع بعد أن ابتلعه النهر ومئات الغرقى مثله .

كانت تشعل الشموع على قطعة من (الفلين) وترسلها فوق سطح النهر لتسبح وسط أمواجه في المكان نفسه الذي غرق فيه ابنها قبل اسبوعين عندما جاء مع اثنين من أصدقائه الى شاطئ الكوفة ليسبحوا وهو لا يعرف السباحة ابدا.

وتظهر على تقاسيم وجهها الالم والحسرة وهي تتحدث قائلة «كل خميس نأتي انا واخته الوحيدة، وتضرب بكفها وسط الماء الذي بلل عباءتها وملابسها عندما كانت تعاتبه «لماذا اخذت ولدي وقتلتني بموته».

ام حسن كانت قصتها من بين مئات القصص الأليمة التي تتحدث عن مأساة وضحايا فقدوا اعزاء في هذه الظروف .

احصائيات مختلفة ومتفاوتة تطرحها الشرطة النهرية والدوائر المعنية حول اعداد الغرقى وحول ابرز اسباب هذه الحالات، إذ يشير المقدم الحقوقي حسين زناد مدير الشرطة النهرية في مديرية شرطة النجف الاشرف ان حالات الغرق في فصل الصيف تحدث في كل المحافظات ولكن نحن نحاول التقليل من هذه الحالات من خلال تسيير الزوارق وان اكثر الحالات التي ننقذها هم لا يعرفون السباحة فنحث المواطن على عدم الاقتراب من الاماكن الخطرة.

ويضيف النائب الاول لمحافظ النجف الاشرف عباس العلياوي قائلا: ان الشاب يحتاج لقضاء جزء من وقته كأن يكون في السباحة في شط الكوفة فتحصل حالات الغرق بالنسبة للذين لايعرفون السباحة فتقوم الشرطة النهرية بواجبها, وهنا اشير الى ان عملية منع الأشباب والشباب للسباحة صعبة لان مساحة الشط وامتداده على طول المناطق كبيرة وايضا ليس من حق المفارز منع الناس للسباحة.

الفراغ الكبير في حياة بعض الشباب و ارتفاع درجات الحرارة وعدم وجود مسابح حكومية مجانية وارتفاع اجور المسابح الاهلية اهم اسباب غرق الكثير في الانهر..

فيما يضيف امين عام منظمة رساليون وهي احدى منظمات المجتمع المدني لحقوق الانسان اسبابا اخرى وهي انه ونظرا للإهمال الحكومي لشريحة الشباب وعدم تمكينهم من الحصول على فرص العمل وتفاقم البطالة مما ادى الى خلق فراغ كبير في حياة هؤلاء الشباب فدفعهم ذلك لإيجاد ما يشغلهم في يومهم الطويل فمنهم من يذهب الى الكوفي شوبات والمقاهي ولكن في الآونة الاخيرة ومع ارتفاع درجات الحرارة والقطع المجحف للكهرباء وعدم وجود مسابح حكومية مجانية وارتفاع اجور المسابح الاهلية اضطرهم للسباحة في الانهر الموجودة في المحافظة وبخاصة شط الكوفة.

الحقوقي راضي صالح الخاقاني معاون المحافظ للشؤون الامنية يبين ان ممارسة السباحة في شط الكوفة هو خارج الضوابط ومعظمهم لا يجيدون السباحة ويتعرضون لحالات غرق وقد تم توجيه النجدة النهرية والارضية بمتابعة ومنع هؤلاء في شط الكوفة خوفا على حياتهم وللحفاظ على سلامتهم علما ان هنالك مسابح داخل المحافظة وهي مسابح جيدة وموزعة وباستطاعة هؤلاء ان يلجؤوا اليها ويمارسون عملية السباحة اما الجهاز الامني فهو قائم بمهامه وكذلك النجدة النهرية وغواصيها على استعداد لانتشال اي حالة غرق تحدث وكثير منهم ينتشلون الغرقى قبل الوفاة ويتم اسعافهم وايصالهم للمستشفى لكن الناس تلجأ للشط لممارسة السباحة غير النظامية ويؤدي هذا بدوره الى مشاكل جمة وهو ايضا اشغال للجهاز الامني .

ويبين مسؤول الشرطة النهرية الدور الذي تقوم فيه الشرطة النهرية لانقاذ الغرقى فيشير بان الشرطة النهرية في النجف تقوم بانقاذ الغرقى وانتشال الجثث بالاضافة الى الحالات الامنية والتجاوز على الأنهر بالاضافة الى المفارز المنتشرة في جميع انحاء المحافظة من الحيدرية الى القادسية الى العباسية قواطع أخرى بالاضافة فان هناك بديلا بالامكان ان يلجأ له المواطن وهي المسابح على طول النهر ولدينا زوارق تتجول من سدة الكفل حتى ناظم المشخاب تقوم بانقاذ حياة المواطنين ايضا وكذلك اذا لاحظت تجاوزات على النهر او رمي الانقاض ونتخذ الاجراءات القانونية ونسلمهم للجهات المختصة وكذلك فان دوريات الشرطة النهرية تتجول خلال اربع وعشرين ساعة في النهر لرصد الحالات المشبوهة والدوريات تقوم بتفتيش جميع الزوارق المدنية وتخضع للتفتيش .

دورات مكثفة لتخريج غواصين وسباحين لانتشال الغرقى

وتعمل الشرطة النهرية على زيادة كفاءة منتسبيها من خلال تكثيف الدورات والتمتع باللياقة البدنية وكيفية انقاذ الغرقى فيؤكد المفوض كرار ابراهيم رحيم مدرب السباحة والانقاذ في اكاديمية شرطة النجف الاشرف الذي كان يدرب في احدى الدورات اثناء اللقاء به والتعرف على محاور الدورة بقوله ان هذه الدورة وهي دورة الغواصين تعد الدورة الاولى في النجف الاشرف وعلى مستوى محافظات الفرات الاوسط والدورة مدتها ستون يوما العشرون الاولى منها تكون للياقة البدنية والغواص يجب ان تكون لديه لياقة جيدة جدا والعشرون الثانية هي لتعليم السباحة للذي لايعرف والسباحة الحرة وهي السباحة الاولمبية وثم يتم تحويلهم للشرطة النهرية ليتعلموا تمارين الغوص الاساسي ولدينا دورات لتعليم انقاذ الغريق واسعافه وهي على انواع منها الغريق المتهيج والغريق العالق والغريق الغاطس والسباح المتعب وهي حركات الغواصين تؤخذ اثناء الدورات وكانت هناك دورات سبقت هذه الدورات المقامة منها كيفية القتال في الانهر عن طريق الزوارق او القتال الحر والقتال الاعزل والدورات مستمرة لتعليم السباحة لمدة شهر.

فيما يضيف العقيد سلمان عبد الحسن مدير قسم التدريب والدورات في مديرية شرطة محافظة النجف الاشرف قائلا «بالنسبة لنهر الفرات الاجراءات التي اتخذت في فصل الصيف اجراءات احترازية بتوجيهات مدير الشرطة لمنع الناس واصبحت لدينا مسابح وهذا رقي وهذا حصل من خلال توجيه مدير الشرطة من خلال الشرطة المجتمعية ومن خلال مؤتمر وجهاء وشيوخ عشائر النجف ولدينا مدربون وسيتم تخرج عدد من المنتسبين الجيدين ايضا من الدورة الاساسية للغوص والتدريب البدني والقتال الاعزل والدورات مستمرة ولدينا تنسيق مع وزير الشباب والرياضة ووعدنا خيرا ببعض المسابح تسخر لمديرية الشرطة واصبحنا المركز الاول لتدريب السباحين».

المسابح الاهلية معقمة وصحية وفيها من وسائل الامان للسباحين.

واما النائب الاول لمحافظ النجف الاشرف عباس العلياوي فيطرح حلولا انية لتفادي حالات الغرق بقوله ان الحكومة المحلية تشجع على ايجاد مساحات ترفيهية او مساحات لتوفير الفرصة للشاب النجفي بصورة خاصة لما تعاني النجف كسائر المحافظات ارتفاع درجات الحرارة ولكن هناك مسابح كثيرة في النجف وهي مسابح جيدة على الرغم من ان كلفتها لا تتلاءم مع ذوي الدخل المحدود لكن اخذت بتوفير الكثير من الفرص للسباحين والرواد وهواة السباحة والشرطة النهرية مزودة بمعدات الانقاذ لكن للاسف طول النهر لا يجعل لديهم سيطرة كاملة لانتشال الجثث مما يدفعنا الى ان نشجع على ارتياد المسابح لانها فرصة جيدة وهي مسابح نظيفة وبيئة صحية مع ان المبالغ قد تكون تشكل عائقا ولكن صحة الانسان والحفاظ على حياته هي الغاية لذلك ندعو حتى الذين يمارسون السباحة في شط الكوفة ان يحملوا بعض اطواق النجاة التي من الممكن ان يتمسك بها وندعو لاتخاذ اجراءات السلامة والمسابح فيها شروط السلامة لوجود اشخاص منقذين ونجادات والمياه معقمة وحتى عمليات السباحة لايمكن السباحة الا بعد عملية غسل الانسان لجسده قبل الولوج للمسبح حتى تبقى مياه المسابح نظيفة ونشجع لانها بيئة جيدة وصحية .

ويوضح الصحفي قصي الكناني فيما يتعلق بالمسابح قائلا: على الحكومة ان ترعى الشباب رعاية كاملة وان تفتح المسابح الصحية وتحت مراقبة ومعقمة بدل ان يذهب الشاب الى النهر حيث يلجأ الشباب الى شط الكوفة والبزول ويتسبب بالكوارث والفواجع التي يوميا نسمع عنها فالافضل فتح المسابح في الاقضية والنواحي ومركز المدينة حيث يكون الاقبال اوسعا ويكونوا تحت الانظار ومضمون صحيا وامنيا .

اما مديرية شباب ورياضة النجف وهي المعنية باهتمامات الشباب في عموم المحافظة فيبين مسؤولها سعد النجم بان المديرية ترعى اهتمامات الشباب وهذا منبثق من قانون وزارة الشباب التي تعنى باهتمامات شبابية ورياضية لدينا منتدى ويعدُّ نموذجيا مجاور الملعب الدولي وهذا المنتدى اسمه الغري فيه مسبح ذو حوضين وعلى المواصفات العالمية ولكن لسوء الاحوال الجوية لا يمكن فتحه رغم انه مسبح متكامل وفيه مجموعة من وسائل التعقيم واحواض ومنازع وخدمات كاملة للمسبح، ولكن هو مسبح مكشوف وهذا الكشف يسبب وجود الاتربة فلا يسمح بفتحه في الصيف لان الاتربة تؤثر على الفلاتر ولذلك مضطرين ان نفتحه ووجدنا حل اخر هو البحث عن مستثمر لغرض تسقيف المسبح ونحن في صدد هذا الموضوع والوزارة مهتمة في ايجاد شخص مستثمر من اجل استخدامه صيفا وشتاء.

ثلاثة مسابح حكومية منها اثنان صرفت عليها مبالغ طائلة الا انها لم تفتح وتتعرض للتهالك والاندثار

ويستدرك النجم قائلا لدينا مسبح اولمبي وهو للسباقات الاولمبية وهو عميق يصل سبعة امتار والمسبح الاخر اربعة او خمسة امتار وايضا لايسمح بفتحه لكل المرتادين وانما هو للتدريب والتعليم والمسابقات الدولية او المحلية والمنهج نفسه ايضا سعت الوزارة لإيجاد مستثمر يستخدم المسبح صيفا وشتاء واليوم جاء مستثمر وتم توقيع العقد بخصوص استثماره واستخدامه وهو يقع بين النجف والكوفة على مقربة من الشقق السكنية ولدينا مسبح قديم جدا متهالك لايصلح للاستخدام وهو مسبح الحي الصناعي.

ويضيف ايضا ان رؤية الوزارة تجد في حل الاشكال لضعف التخصيصات المالية في هذا الوقت فلذلك مضطرة الى الاستثمار وكذلك فان نقل الصلاحيات من الوزارة الى المحافظة جعل عملنا شبه متوقف واصبح العمل مباشرة مع المحافظ ونحن ماضون في هذا الاتجاه وموضوع المسابح محدود.

ويؤكد مسؤول مديرية الشباب والرياضة في النجف ان تاخير الاستخدام لهذه المسابح تعدّ تهالكاً واندثاراً للأبنية وليس صحيحا عمليا وهندسيا ولذلك اصبح ضرر للمنشآت في التأخير وهناك اسباب عدة منها قانونية ووكذلك مايتعلق بالمقاول في المسبح الاولمبي اذ لديه تلكأ كبير وسبب اخر هو الترهل والروتين الاداري الممل وهو كان عائقا في فتح هذه المسابح ونحن نبحث عن الوسيلة العلمية وهو لابد من تسقيف المسابح لتصبح مغلقة وكل المسابح الاهلية المفتوحة مغلقة بسبب الاتربة والاجواء الباردة شتاء والاجواء الساخنة الحارة صيفا وموضوع المسبح الاولمبي ستة مليارات ونصف ومتلكا ومعرض للاندثار لكن لم يصرف المبلغ كله اذ تلكأ المقاول في اكمال الملاحظات في الاستلام الاولي والوزارة تسعى لإيجاد مستثمر كأحد الحلول.

ستة مليارات ونصف تم صرفها على المسبح الاولمبي الذي لم لم يفتح رغم انقضاء عشر سنوات على انشائه

ويشير النجم الى تاريخ انشاء هذه المسابح والتي لم تسلم بعد بحديثه ان المسبح الاولمبي انشأ قبل عشر سنوات اذ كان العمل فيه 2008 ولحد الان يعتبر انه لم يسلم تسليما كاملا تسليم اولي لم يسلم مع وجود نواقص كثيرة في عمل المقاول واكثر من مئة ملاحظة على الانشاء ومن المفترض ان ينجزهن واذا عجز عن اكمالهن سيقوم المستثمر بانجازهن وهذا يحتاج الى وقت ومبالغ اضافية واما مسبح الكوفة حديثا تم ارجاعه الى الوزارة وهو متهالك ويحتاج ايضا الى مستثمر اما التهديم والاعادة واما يرمم لان امكانيات الوزارة محدودة والوازرة لاتدعم الانشطة بسبب الظرف المادي العصيب الذي يمر به البلد؟!!

مطالبات برعاية شريحة الشباب وحماية السباحين منهم وفتح المسابح الحكومية

ويرى كثير من الشباب ايجاد الاماكن الترفيهية وخاصة المسابح الاقل اجورا في فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة اللاهبة مما يقيهم من الامراض المصاحبة لبعض مياه الانهر وللحفاظ على سلامتهم وهو الامر الذي اكد عليه كثير من ممثلي منظمات المجتمع المدني ومعنيين بحقوق الانسان للحفاظ على الشباب ولتوفير مسابح معقمة بدل ان تحصد ارواحهم الانهر والاماكن الخطرة في السباحة.

عند ذلك تنتهي ماساة كل من يفقد عزيز من اعزته في شاطئ الكوفة او في غيره لتوفر وسائل السلامة ووجود المياه الصحية المعقمة فيطمئن على ابنائه واعزائه واخوته وهم يروحون حرارة الصيف وينعشوا اجسادهم كي لا تتكرر قصة السيدة ام حسن وبقية الامهات اللاتي فجعن بأبنائهن.

نشرت في الولاية العدد 108

التصنيفات : ارشيف الاخبار
استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والاعلان