النجف نيوز – العلاج بالفنون يقوي الجهاز المناعي ويحسن الأمزجة
بغدادـ فجر محمد
لم تكن تدرك الثلاثينية ريم شاكر أن فرحة انجابها مولودها الاول ستذهب ادراج الرياح بسبب مضاعفات عملية جراحية وتروي ريم قصتها قائلة:
«اصبت بمشاكل مختلفة انا وجنيني مما اضطرني للخضوع لعملية قيصرية، اذ ادت العملية الى تضرر الحالب بشكل مؤقت».
الايحاء النفسي
لم اكن ادرك في بداية الامر خطورة المشكلة التي حصلت معي لحين اكتشافها بمحض المصادفة ، تكمل ريم حكايتها بوجه متأثر وملامح حزينة وتقول:
«بعدفترة من الولادة ، اكتشفت انني ااجد صعوبة بالغة في القيام بعملية التبول اصبت بالذهول والصدمة، وقصدت مختلف الاطباء المتخصصين والمعروفين ولم يستطع اي منهم الوقوف على علتي سوى واحد منهم، اقترح علي وسيلة بسيطة وهي ان اقوم بفتح صنبور الماء عندما اشعر بالرغبة بالتخلص من الادرار، وبعد مدة زمنية معينة نجحت حالتي بالفعل اذ كنت اراقب نزول الماء فاذا بي استعيد عافيتي بشكل كبير، وذلك بفضل الايحاء النفسي والثقة بالنفس والايمان بقدرتي على تجاوز المحنة «.
وبحسب الخبراء والعلماء فإن الإيحاء النفسي ليس فقط تقنية علاجية للأمراض النفسية والعضوية بل هو وسيلة لبلورة الشخصية، وذلك بطريقة تتصف بالسهولة في حال أحسن الإنسان تطبيق تقنياته التي تعد أحدث صيحات الطب اليوم، وهو يخول الفرد استبعاد الصفات السيئة وتبني الصفات الجيدة، حسب ما أكده اولئك الخبراء».
العلاج بالفنون
ان الفن العلاجي هو نوع من العلاج النفسي يقوم فيه المريض بالرسم أو التشكيل بطريقته الخاصة، معبّراً عمّا في داخله من انفعالات نفسية لها تأثير سلبي على حياته ويصبو إلى تغييرها، ليصل إلى الصفاء الروحي والشعور بالرضا عن النفس، والفن ماهو إلا تعبير عن الأحاسيس والانفعالات الداخلية والخارجية، سواء أكان ذلك التعبير عن طريق الرسم أم عن طريق مجالات الفن الأخرى، إذاً الهدف من الرسم هو إخراج الطاقة السلبية وابدالها باخرى إيجابية و ليس المطلوب أن يرسم الشخص لوحة إبداعية، بل على العكس كل ما كان الشخص يعرف القليل عن الرسم كان ذلك أفضل ليُخرج بعفوية ما في داخله، وفي دول العالم شقت هذه الطريقة العلاجية طريقها ومن تلك الدول لبنان التي اتبعت هذه الطريقة واستخدمت الدراما والموسيقى، ويستهدف هذا العلاج جميع شرائح المجتمع إلّا أنه يتوجّه بشكل خاص إلى الأفراد المهمشين مثل النساء المعنفات، والأولاد ، وأصحاب الإعاقات الجسدية واللاجئين ويختلف العلاج الذي تخضع له كل فئة عن الأخرى، وذلك وفق الحالة النفسية للأفراد وظروف المكان الموجودين فيه .
طبيب الاسرة والمجتمع الدكتور احمد الرديني يثني على هذه التجربة بالقول:
«ان العلاج بالفنون يعد من انجح الطرق وليس بالحديث اذ الكثير من دول العالم بدأت تتبعه منذ مدة طويلة في سبيل اخراج الشحنات والطاقة السلبية التي تتواجد في جسم المريض، فضلا عن قدرتها على تعزيز الجهاز المناعي لقدرتها على اطلاق هرمونات السعادة، وهناك مراكز طبية في بغداد بدأت تستخدم هذه الطريقة العلاجية على الرغم من كونها بسيطة وفي بدايتها الا انه من المتوقع ان تكون مفيدة للمرضى لاسيما المصابين بالسرطان لانها تقوي من مناعتهم وتحسن امزجتهم».
ومن جهتها بينت المتحدثة باسم وزارة التربية سلامة الحسن»ان هناك توجها من قبل وزارة التربية للاهتمام بدرسي التربية الرياضية والفنية لكونهما من الدروس القريبة من الطالب التي تبعث الراحة وتطور مواهبه بشكل كبير وبعد ان كانت تلك الدروس لاتجد الاهتمام، عممت وزارة التربية على مديريات ومدارس البلاد الاهتمام والتركيز على الرياضة والفنية لانهما يساعدان الطالب على التخلص من التوتر والقلق، وهذا ما نلاحظه عندما نرى الطلاب يطلقون صيحاتهم وهتافاتهم اثناء درس الرياضة، وسيكون التركيز على مدارس المناطق المحررة من داعش لكونهم اكثر الشرائح تضررا خلال فترة الارهاب لذا ستساعدهم هذه الدروس على استعادة التوازن النفسي».
علاج مابعد الصدمة
تؤكد استاذة علم النفس والاجتماع في جامعة بغداد الدكتورة شيماء عبد العزيز على أن»الفن والموسيقى والرسم يسهمان بشكل كبير على تحسين امزجة الافراد، لاسيما الذين يعانون من الامراض المختلفة، اذ ان التلاعب بالريشة والالوان واسقاط كل المشاعر والاختلاجات النفسية على الورق من قبل الافراد يساعدهم على التخلص من القلق والتوتر، فضلا عن ممارسة الرياضة التي تطلق هي الاخرى الشحنات السلبية الموجودة بداخل الجسم، ومن وجهة نظر الباحثين فإن الاطفال الذين تعرضوا الى الارهاب الداعشي من الممكن اعادة تأهيلهم وبرمجة ذاكرتهم من جديد بتحفيز الفنون والرسم والتشكيل لديهم ، كي يمحوا اثار الفترة العصيبة السلبية التي مرت عليهم، وستكون هذه الخطوات هي بمثابة علاج مابعد الصدمة وليس فقط الاطفال في المناطق المتضررة بل جميع الطلاب في المؤسسات التعليمية لابد ان يهتموا بالفنون والرياضة كي يعثروا على المواهب الكامنة بداخلهم، وهذا سيؤدي الى تطور المجتمع ورقيه وتخلصه من العادات البالية، ومنع الاولاد من التوحد مع الاجهزة الالكترونية التي بدأت تسرق الوقت الاكبر من يومهم عوضا عن الانتفاع بالساعات المتبقية لهم فور عودتهم من المدارس والمؤسسات التعليمية».
ممارسة الرياضة
«انا من الشخصيات المتوترة ومن الممكن ان تتسبب كلمة واحدة بسيطة باثارة اعصابي وتفقدني صوابي» .. بهذه الكلمات ابتدأ حديثه العشريني صبيح جمعة وتابع بالقول:»بدأت بوادر العصبية تظهر بشكل جلي وواضح في سنوات مراهقتي لاسيما عندما بلغت الرابعة عشر من عمري اذ اصبح سلوكي يمتاز بالعدائية قليلا، وعندما دخلت عامي العشرين قررت ان اتخلص من هذه العادة السيئة والمزاج المتعكر فبدأت امارس الرياضة بشكل منتظم عبر المشي والهرولة فضلا عن التمارين الاخرى التي تصفي الذهن وتقلل التوتر».
التدريسي في كلية التربية الرياضية جامعة بغداد مازن حسين يرى ان»الرياضة من الامور الاساسية التي يجب ان يمارسها كل فرد في المجتمع فهي تقلل التوتر والعصبية وهناك انواع من التمارين تعرف بالبلاتس تحارب التوتر والبدانة واول من اوجد هذه الرياضة هو الألمانيّ جوزيف بيلاتس في أوائل القرن العشرين، إذ كان يعتمدها الراقصون في أمريكا كوسيلة لعلاج الإصابات، وبعد أن ازدادت شعبيتها انتقلت لجميع أنحاء العالم، حيث أشارت الدراسات الى أنّ حوالي مليون شخص يمارسونها في كلاً من بريطانيا وأمريكا، وقد انتشرت في الفترة الأخيرة وأصبحت مطلوبة بشكل كبير في مراكز اللياقة البدنية، ورياضة البلاتس هي تمارين تساعد على تقوية الجسم وإعادة توازنه وعضلاته، كما تقوّي عضلات البطن والظهر، اما فوائدها فهي تقلل من الضغوط النفسية والتوتر العصبي، وبالتالي تحسن المزاج و الحفاظ على صحة عضلات الجسم وتقويتها، وعلاج آلام المفاصل والعمود الفقري والظهرومنح الجسم القوة والمرونة وتنسيق وترتيب الجسم بشكل جذّاب فضلا عن تحسين تدفّق الدورة الدموية في الجسم، وحرق السعرات الحرارية والدهون في الجسم وبالتالي الحفاظ على الوزن المثالي، وكثيرا ماتساعد الرياضة على الشعور بالرضا والراحة خصوصا المشي العسكري فضلا عن الهرولة».
ويتفق معه بالراي الرديني قائلا:»ان الرياضة هي امر اساسي وضروري في حياة كل فرد وثقافتها لابد ان تتمتع بها المجتمعات المختلفة كي تتخلص من الضغوط النفسية التي تؤثر فيها بشكل كبير، فضلا على قدرتها على اطلاق هرمونات السعادة التي تحسن المزاج وتخلص الجسم من التوتر والاجهاد، وهي ايضا بدورها مفيدة للجهاز المناعي وقدرة الجسم على محاربة الامراض المتطفلة ومكافحتها».