النجف نيوز – لِمَاذَا انْتَشَرَ الْفِكْرُ التَّكْفِيرِي؟
النجف نيوز/ كتب – نزار حيدر
وَالْخِلَافَاتُ الخَلِيجِيَّةُ صَكُّ بَرَاءَةٍ لِطَهْرَانَ مِنَ الْإِرْهَابِ!
إِنَّ تفجُّر الخلافات الخليجيَّة بهذه الحدِّيَّة بُعيد قمَّة الرِّياض مباشرةً، دليلٌ صارخٌ على فشلها وعلى أَنَّ نظُم القبائِل الفاسدة الحاكمة في دوَل الخليج وتحديداً الرِّياض والدَّوحة! هي الحاضِنة والرَّاعي والدَّاعم الأَوَّل للارهاب في العالم والمنطقة، وهذا ما يرِد الآن على أَلسنتهِم وفِي إِعلامهم، بعد أَن تفجَّرت الخلافات بين العاصمتَين لتذهب كلَّ واحدةٍ منها بعيداً في فضحِ الأُخرى!.
فعلى الرَّغمِ من الحفلة الصَّاخبة التي قادتها الرِّياض خلال زيارة الرَّئيس ترامب لتسويق العاصمة طهران كحاضنةٍ للارهاب في العالَم! وعلى الرَّغمِ من المليارات الضَّخمة التي صرفتها الرِّياض لغسلِ أَدمغة الرَّأي العام بهذه الحقيقة المُزيَّفة! إِلّا أَنَّ تفجُّر الخلافات بينها وبين الدُّوحة فضحت مكرها لتقدِّم للجمهورية الاسلاميَّة في إِيران صكَّ براءةٍ من الارهاب وشهادة حسنِ سلوكٍ من أَيِّ تورُّطٍ لها مع الارهاب!.
ولو كان الغربيُّون يمتلِكونَ ذرَّةَ شجاعةٍ لكشفوا عن خفايا الهجمات الارهابيَّة الأَخيرةِ التي تعرَّضت لها بريطانيا ليعرف الرَّأي العام وشعوبهم تحديداً من الذي يقف خلفَ هذا الارهاب الأَعمى؟! ومن هو حاضنتهُ؟! ومن الذي يموِّلهُ ويدعمهُ؟!.
أَمَّا أَسباب إِنتشار الفكر التَّكفيري في العالم فيمكنُ تلخيصها بما يلي؛
أَوَّلاً؛ فشل النِّظام السِّياسي العربي في تحقيق الحدِّ الأَدنى من آمال وتطلُّعات الشُّعوب وعلى مُختلفِ الأَصعِدةِ!.
فبعدَ تجربةٍ دامت أَكثر من نصفِ قرنٍ، لازالت مجتمعاتِنا تئِنُّ من وطأَة وآلام الجهل والفقر وإِنعدام فُرَص العمل والتَّمييز والطّائفيَّة والطبقيَّة بمختلفِ أَشكالِها!.
لازالت مجتمعاتِنا ضحيَّة الخلافات المُستديمة بين الأَنظمة التي تتخندق خلفَ أَجنداتِها الضَّيِّقة لتقدِّم المواطن كبش فداء للصِّراعات فيما بينِها!.
لازال المواطن في بلادِنا العربيَّة ضحيَّة الحروب العبثيَّة والشِّعارات المُخادعة التي تضلِّلهُ بذريعة النِّضال من أَجل القضايا المصيريَّة المُقدَّسةِ!.
لازالت مجتمعاتِنا ضحيَّة الاستبداد والديكتاتوريَّة، فلقد فَشَلَ النِّظام السِّياسي العربي في تأمين وحماية أَبسط حقوق المواطنة في الحريَّة والكرامةِ وحرِّيَّة التَّعبير وتكافؤ الفُرص!.
ولذلك فعندما انفجرت الأَوضاع في إطارِ ما بات يُعرف بالرَّبيع العربي، وجدَ التَّكفيريُّون فُرصتهم التَّاريخيَّة لتقديمِ أَنفسهم كحُماةٍ للشَّريعةِ ومُدافعين عن الدِّين الذي يتعرَّض للاغتصاب على حدِّ زعمهِم!.
ثانِياً؛ فشل الأَحزاب السّياسية في تحقيقِ أَبسط أَهدافها بغضِّ النَّظر عن الأَسباب والعِلَل!.
فلقد فشِلت الأَحزاب اليساريَّة واليمينيَّة والقوميَّة والاجتماعيَّة وأَخيراً الدِّينيَّة في تحقيقِ أَهدافها البرَّاقة التي طالما وعدت بها مجتمعاتِنا إِذا ما وصلت للسُّلطة! أَو حتَّى عندما تكون في المعارضة!.
بل تبيَّن للمواطن أَنَّها نسخةٌ طِبق الأَصل للنِّظام السِّياسي الحاكم باستثناءِ الأَسماء والمسمَّيات التي تختلف من بلدٍ لآخر!.
ثالثاً؛ الطَّائفيَّة التي ظلَّت تنفخ فيها الأَنظمة الحاكمة لتحشيد الشُّعوب بعضها ضدَّ البعض الآخر وبالتَّالي لحمايةِ نفسِها من الغضب الشَّعبي! خاصَّةً نِظامُ القلبية الفاسد الحاكم في الجزيرة العربيَّة وبقيَّة نظُم القبائل في دُوَل الخليج! والتي أَنفقت المليارات من أَموال البترودولار لتأجيج نيران الحروب الطَّائفية في المنطقة والتي مثَّلت بالنِّسبةِ للتكفيريِّين الفُرصة الذهبيَّة والتَّاريخيَّة لتجنيد المغرَّر بهِم خاصَّةً من النَّشء الجديد!.
كما أَنَّ للطائفيَّة التي تتشبَّع بها عقول الكثير من السياسيِّين والأَحزاب السِّياسيَّة دورٌ في تشجيع الفكر التَّكفيري على الانتشار! عندما صوَّروا للرَّأي العام بأَنَّهُ البديل عن سلطةِ (الرَّوافض الصَّفويِّين) حتى إِذا اكتووا بنار التكفيريِّين الارهابيِّين القتَلة الذين مكَّنوهم من السَّيطرة على مناطقهِم خاصَّةً في الْعِراقِ وسوريا واغتصبوا أَعراضهم وقتلوا شبابهُم وأَهانوا كهولهُم ودمَّروا مدنهُم! أَحسَّ بعضهُم بحجمِ الجريمة التي ارتكبوها عندما ضلَّلوا شعبهُم وغرَّروا بأَبنائهِم وبناتهِم للانخراط في صفوفِ الارهابيِّين للقتالِ أَو لممارسةِ جهادِ النِّكاح معَ الارهابيِّين!.
رابعاً؛ المُجاملات الزَّائدة عن حدِّها عند محاولة تحديد مَنابِعِ الارهاب وحواضنهِ! تارةً بحجَّة حماية الوحدة الوطنيَّة وأُخرى بذريعة الحيلولة دون الاصطفاف الى جانبِ أَحدٍ ضدَّ أَحد! عدم الانحياز يعني!.
لقد إِتَّفق العالَم بأَجمعهِ بما فيهِ الغرب على الامتناع عن تسميةِ حاضنةِ الارهاب الحقيقيَّة وأَقصد بها نِظامُ آل سَعود الارهابي الفاسد ليحوِّلهُ الى بقرةٍ حلوبٍ يستدرُّ ضرعها على حسابِ دماءِ الأَبرياء التي تسيل يوميَّاً كالميزابِ على يدِ الارهابيِّين التكفيريِّين!.
وستظلُّ هذه الدِّماء تُراق مازال العالَم يُجاملُ على حسابِ الحقائق! بل يُكافئ مَنابِعِ الارهاب وحواضنهُ بمزيدٍ من السِّلاح الذي عادةً ما ينتهي بيد الارهابيِّين بطريقةٍ أَو أُخرى!.
إِنَّ حال من يدَّعي أَنَّهُ جادٌّ في الحَرْبِ على الارْهابِ من دونِ تسميةِ حواضنهِ ومنابعهِ لتجفيفِها حالُ مَن يدَّعي أَنَّهُ يسعى لتجفيفِ ماءٍ آسنٍ في بُركةٍ موبوءةٍ تفوحُ منها الرَّوائح الكريهة وتنتشر فيها الجراثيم والبعوض من دونِ أَن يقطع عنها الماء الذي يصُبُّ فيها من عينٍ في قمَّةِ الجبل!.
٢ حزيران ٢٠١٧
نزار حيدر
– See more at: http://www.alnoor.se/article.asp?id=321996#sthash.DlTXeUGI.dpuf