النجف نيوز – نجف الامام علي (ع) تحتضن قبور أنبياء الله ادم ونوح وهود وصالح(عليهم السلام)
قال الصادق(ع):(إذا زرت جانب الغري فزر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب(ع)
النجف نيوز/ تحقيق: حيدر حسين الجنابي
تغيير لون عبد الله وبدأ يبحث في الشباك وما حوله بين الآيات والزخارف والمرايا ، وهو شاب لم يتجاوز الثلاثين ،فقال لشيخ كان يجلس قربه امام الضريح وهو يقرا زيارة الامام علي (ع) “اين قبرا ادم ونوح اللذان ذكرتهما الان وهل هما فعلا ضجيعي الامام ” فقال الشيخ : تجاوز عمري 83 عاما ، وانا في كل زيارة التفت يمينا وشمالا ابحث عن أي شيء يدلني على قبري انبياء الله ادم ونوح (ع)، فقال عبد الله مستغربا:” لماذا لم اعرف بدفن انبياء الله هنا ،كل هذه السنين الماضية ،اذن فأين مكانهما ؟وأين زيارتهما ؟ وما هو الدليل على وجودهما “. فأستدار الشيخ نحو الضريح وامسك بيديه المرتعشتين الشباك الطاهر ، مخاطبا الامام (ع) “يا مولاي ،اين قبرا ضجيعيك ، وما هو حال مرقد جاريك ” .ثم التفت الشيخ قائلا لعبد الله : “لم يبقى منهما الا كلمات في زيارة امين الله ((السلام عليك وعلى ضجيعيك ادم ونوح وعلى جاريك هود وصالح))”.
ففي الوقت الذي تهفو فيه أرواحنا لقدسية مرقد امير المؤمنين (ع) نجد أنفسنا قد تناسينا قبري النبيين ادم ونوح وقد رفعت الدلالات ومناسك الزيارة عنهما ، بعد ان كانت موجودة منذ مئات السنين . فالعالم يجهل مكانهم وعندما توضع دلالة على وجود الانبياء فأنها ستضيف معنى آخر للوجود العظيم لعلي (عليه السلام) وقدسية مرقده ، ولابد من الاهتمام بمرقد النبيين هود وصالح واعمار مرقدهما .
ويؤكد المرجع الديني الشيخ قاسم الطائي في النجف الاشرف ” يجب وضع دلالة تعليمية لمرقدي ادم ونوح ولابد من تقديمهم واحترامهم ، (عليهم السلام) ،فوضع دلالة واضحة تعليمية بالإشارة الى مراقدهم في مرقد امير المؤمنين(ع) يعتبر امرا ضروريا ،وحضاريا وتاريخيا ، مضافا الى الابعاد التي ممكن ان نجنيها من وضع هذا التعليم او الاشارة لمرقد هذين النبين (ع)، باعتبار ،اننا سنوجه رسالة واضحة ان مركز التوحيد في هذه الارض هو الكوفة او النجف الاشرف المتشرف بجسد مولانا الامام علي (ع) ، ولابد ايضا من الاهتمام بمراقد الانبياء وخصوصا النبيين هود وصالح (ع) وبنائهما وتطوير مرقدهما ” .
نوح يدخر قبرا لعلي
يقول الدكتور حيدر سعد ” تشير الروايات المعتبرة إن قبر الإمام علي(ع) قد ادخره نوح النبي(ع) ، قبل الالاف السنين ، ويمكن ان نستدل على دلالة وجود القبرين من خلال ما ورد من توثيق لموضع قبر أمير المؤمنين(ع) وتفاصيل دفن الامام (ع)”.
ويضيف الشيخ ابراهيم عبد الله استاذ في الحوزة العلمية في النجف الاشرف ” من اكثر الادلة التي تؤكد وجود قبور انبياء الله ادم ونوح (ع) ما رواه زيد بن علي الشهيد عن أبيه عن جده الحسين(ع) إنه قال: إن أمير المؤمنين(ع) قال : أوصيكم وصية فلا تظهرا على أمري أحدا، فأمرهما أن يستخرجا من الزاوية اليمنى لوحا وأن يكفناه فيما يجدان، فإذا غسلاه وضعاه على ذلك اللوح وإذا وجدا السرير يشال مقدمه يشيلان مؤخره وأن يصلي الحسن مرة ويصلي الحسين مرة صلاة إمام ، ففعلا كما رسم فوجدا اللوح وعليه مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اذخره نوح النبي (صلى الله عليه) لعلي بن أبي طالب(ع) وأصابا الكفن في دهليز الدار موضوعا فيه حنوط قد أستضاء نور النهار”.
الملائكة تحمل نعش علي
ويتابع ابراهيم ” وفي رواية أخرى عن حيان بن علي الغنوي قال: حدثني مولى لعلي بن أبي طالب(ع) قال: لما حضرت أمير المؤمنين(ع) الوفاة قال للحسن والحسين(ع): إذا أنا مت فاحملاني على سرير ثم أخرجاني واحملا مؤخر السرير فإنكما تكفيان مقدمه ثم اتياني الغريين فإنكما ستريان صخرة بيضاء تلمع نورا فاحتفرا فيها فإنكما تجدان ساجة فادفناني فيها قال: فلما مات أخرجناه وجعلنا نحمل مؤخر السرير ونكفي مقدمه وجعلنا نسمع دويا وحفيفا حتى أتينا الغريين فإذا صخرة بيضاء تلمع نورا فاحتفرنا فإذا ساجة مكتوب عليها هذه مما ادخرها نوح لعلي بن أبي طالب(ع) فدفناه فيها وانصرفنا “.
ويوضح محمد حسن استاذ في التاريخ الاسلامي ” ان التحقيق في النصوص التاريخية يؤكد لنا وجود قبور الانبياء في النجف الاشرف ولا صحة لما تناولته بعض الاخبار عن ان ادم ونوح مدفونان في مكان اخر ولدينا نص يرويه الشيخ الطوسي في التهذيب بسنده إلى الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير قال:(قلت لأبي عبد الله(ع): أين دفن أمير المؤمنين(ع)؟ قال: دفن في قبر أبيه نوح(ع). قلت: وأين قبر نوح؟ الناس يقولون في المسجد. قال: لا ذاك في ظهر الكوفة)” .
عظام وبدن وجسم في قبر واحد
ويتابع حسن ” وهناك دليل اخر يرويه الشيخ أبو القاسم جعفر بن قولويه بسنده إلى أبي عبد الله الصادق(ع): قال :(إذا زرت جانب الغري فزر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب(ع)). ومن المعروف بأن آدم(ع) قد مات ودفن في جبل أبي قبيس في مكة ووجهة إلى الكعبة المشرفة ، فكيف تدل الروايات على إن مرقده في ضريح الإمام علي(ع)؟
ولـ الدكتور ماجد علي استاذ جامعي رأيا ” تم إثبات ذلك من خلال روايات أهل البيت(ع) لأنه في أيام النبي نوح(ع) وعندما حصل الطوفان أوحى الله سبحانه إلى نوح أن يحمل معه في السفينة جثمان أبيه آدم(ع) إلى الكوفة، فحمله إلى ظهر الكوفة وهو النجف الأشرف حيث دفنه هناك في المكان المعروف بمرقد نوح (ع)” .
نقل عظام ادم الى النجف
وماجد يشير الى وجود دليل تاريخي عن الامام الصادق (ع) ” يقول: إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى نوح(ع) وهو في السفينة أن يطوف في البيت أسبوعا فطاف أسبوع ثم نزل في الماء إلى ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم(ع) ، فحمل التابوت في جوف السفينة حتى طاف بالبيت ما شاء الله أن يطوف ، ثم ورد إلى باب الكوفة في وسط مسجدها وتفرق الجمع الذي كان مع نوح(ع) في السفينة فأخذ التابوت فدفنه في الغري” .
الامام علي وشمعون المسيحي
وقال حسين علي باحث تاريخي ” ورد توثيق لقبور الأنبياء(عليهم السلام) في كتب الرحالة، فابن بطوطة يؤكد إنه عندما زار النجف سنة(720) هــ لما دخل الروضة وجد ثلاثة قبور، يقال إن أحدها قبر الإمام علي(ع)، والآخران قبرا آدم ونوح(عليهما السلام)، كما ذكر الرحالة سيدي علي التركي في كتابه(مرآة الممالك) إنه زار النجف سنة 991 هـ آدم ونوحا وشمعون(عليهم السلام) في النجف الأشرف، بعدما زار الإمام علي المرتضى (ع)، وشمعون هو من حواريي المسيح عيسى بن مريم عليهم السلام وقد ذكره ابو نؤاس في شعره قائلا :
بشمعون بيوحنا بعيسى بما سرجيس بالقس الشفيع” .
اما محمد الجاسم استاذ التاريخ الاسلامي فيشير ” ان النجف تضم قبرا الانبياء هود وصالح عليهما السلام ،وقد ورد ذكرهما في زيارة الامام علي (جاريك هود وصالح ) وهما من الانبياء المعروفين وقد ذكرهما القران الكريم ، ويقع مرقديهما داخل المقبرة في نهاية شارع الطوسي المنطقة المعروفة بباب التوديع (توديع الموتى ) والتي تبتعد عن العتبة العلوية المقدسة على مسافة 300 متر تقريبا وتعرف بمدخل مقبرة وادي السلام ، ويقصدهما الزائرين من كل انحاء العالم “.
واضاف” فما زال مرقدهما يعاني الاهمال ولم يجري عليه أي اعمار او بناء وهو مزار يأتيه الالاف من الزائرين من كل انحاء العالم الاسلامي ، فالتهميش والاقصاء يبدو واضحا للعيان ، وهذا ما جعل اغلب القاصدين لهما يلاحظون المرقد الضيق والصغير والذي يقع وسط القبور والذي يعد من اقدم الاماكن الاثرية في النجف الاشرف” .
قبور عمرها الاف السنين
والسيد حسن الموسوي 78 عاما ” قضينا عمرا في جوار امامنا ابا الحسن عليه السلام ،واعتدنا زيارته وزيارة النبيين ادم ونوح (ع) من جهة راس الامام (ع) ، على الرغم من عدم وجود شواهد تشير اليهما (ع)، ولكننا معتادين على زيارتهما من خلال كتب الادعية وخصوصا مفاتيح الجنان او ضياء الصالحين ، وكان اجدادنا يتحدثون لنا عن وجود زيارة مكتوبة لكل نبي على جانبي الضريح المقدس “.
وتقول الحاجة ام حسنين 66 عاما ” يجب ان يعرف العالم ان ادم نوح(ع) مدفونان مع امير المؤمنين (ع) وهذا دليل على قدسية النجف ، ولابد من وضع دلالة على شباك مرقد الامام (ع) ليكونا شاهدين على اهمية المكان وقدسيته عالميا وتعريف كل البشرية بوجودهما العظيم “.
ويؤكد جليل عباس 59 ” من الضروري ان تسعى العتبة العلوية الى وضع علامات رمزية او الواح تكتب عليها اسماء الانبياء المدفونين في المرقد، وتعريف الدول بمكان دفنهما ، وتشجيع الزوار لزيارتهما ، فهناك نسبة 90% من سكان العالم يجهلون مكانهما ، فكل المراقد في العالم المنسوبة للأنبياء ادم ونوح هي غير صحيحة والاصح هما في النجف الاشرف “.
ولله در الشاعر يقول:
يا أبا الأوصياء أنت لطـه صهره وابن عمه وأخوه
إن لله في معانيك ســرا أكثر العالمين ما عرفوه
أنت ثاني الآباء في منته الدور وآباؤه تعد بنوه
خلق الله آدم من تــراب فهو ابن له وأنت أبوه
بين التهميش والتعريف
لعل ما اثبته الرحالة والزائرون بالروايات التاريخية والمشاهدات الحية ، يؤكد صحة وجود قبور الانبياء ولكن ما يجري من اهمال واقصاء وتهميش لمراقد الأنبياء “مرفوض” حسب تصريحات المعنيين ورجال الدين .
ومن المهم ان يلتفت ديوان الوقف الشيعي الى بناء وتوسيع مرقد النبيين هود وصالح(ع) بما يتناسب مع منزلتهما عند الله وعند اهل البيت (ع).
ولا بد ان تسعى العتبة العلوية المقدسة الى ضرورة وضع لوحة الدلالة والزيارة المخصوصة للنبيين ادم ونوح (ع) عرفانا لدورهما الرسالي ولمكانتهما ، وتقديرا لما قام به نوح النبي (ع)عندما ادخر قبرا قبل آلاف السنين للأمام علي (ع) .