النجف نيوز – مبالغ باهظة لحشوات أسنان تتساقط بعد حين

يونيو 6, 2017
44

 بغداد – هدى العزاوي

بعد ستة أشهر من دفعه مبلغا قدره 250 ألف دينار لتحشية سنه المنخور، اضطر عمار محمد إلى قلع السن نفسه مقابل خمسمئة دينار فقط هي قيمة وصل الدخول إلى أحد المستوصفات الحكومية المختصة بالأسنان.ويقول محمد لست نادما على ما فقدته من مال، بقدر ندمي على تلك الساعات الطويلة والمؤلمة، التي قضيتها في عيادة طبيب اسنان عبر ثلاث جلسات.

ويكمل محمد بتذمر وعصبية: لست مجنونا لأدفع مبلغا قيمته” 25 أو 40″ ألف دينار لقلع سن سيرمى في النفايات.

وتتراوح أسعار حشوات الأسنان المختلفة المسميات ما بين 60 و 250 ألف دينار، كما تختلف ما بين منطقة راقية وأخرى شعبية.

وعن اختلاف أسعار العناية بالأسنان بين طبيب وآخر، قال لنا طبيب” طلب عدم الكشف عن اسمه”:

لا يمكن بأي حال من الأحوال توحيد اسعار العمليات الخاصة بالأسنان، والمواد المستعملة فيها، وذلك نابع من اختلاف منشأ المواد نفسها، فهناك مواد مصنعة في بلدان أوروبية متطورة، وتمتاز بكفاءتها العالية، وارتفاع أسعارها كذلك، وهناك مواد أقل كفاءة مصنعة في بلدان أخرى، ولهذا ترى طبيبا يستوفى 80 الف دينار عن عمل حشوة سن، فيما يستوفي طبيب آخر أضعاف المبلغ، كما ان خبرة الطبيب وشهرته تلعبان دورا في تحديد الاسعار، إذ يحتاج الطبيب الداخل على سوق العمل حديثا إلى طلب اسعار منخفضة نسبيا من اجل ترسيخ قدمه واسمه، بينما يفرض الأطباء المشهورون اسعارا عالية منطلقين من الزحام الشديد الذي تشهده عياداتهم يوميا.

تقول سعاد كريم المعلمة في إحدى المدارس الابتدائية انها تفضل طبيب اسنان ذا سمعة جيدة، ولا تلتفت الى اللافتات التي تشير إلى ان الطبيب أكمل دراسته خارج العراق، لأن الجامعات العراقية خرجت وما زالت تخرج أطباء اسنان أكفاء.

 وتضيف كريم أحد هؤلاء ارتكب خطأ فادحا، عندما نصحني بتحشية أحد اسنان طفلتي ذات الخمسة أعوام، وعندما اعترضت لكون سنها لبنيا خرجت من العيادة،  ومع أول جلسة عند طبيب الآخر قال لي بابتسامة مملوءة بعلامات التعجب والاستفهام: الاسنان اللبنية لاتحشى مطلقا وتقلع مباشرة دون فحص او اشارة للمعالجة الا في حالة الورم، فعلينا معالجته كي نتلافى حدوث نزف.فيما ابدت سهر امتعاضها من اخطاء بعض الاطباء وعدم رغبتها في مراجعة أحدهم، بعد أن تعرضت الى تلوث في الفم جراء استخدام أجهزة ملوثة. 

وتقول سهر وعلى وجهها علامات الحزن والاستياء: بدأ الطبيب بتنظيف أسناني بواسطة الاجهزة المعدة لذلك وشعرت بطعم مادة غريبة اثناء عملية التنظيف، شعرت بحرارة وانتفاخ على جانبي اللسان، لم يعد للطعام مذاق ووجدت صعوبة في تناول الماء، وفشلت كل محاولاتي في العلاج ، اضطررت خلالها الى مراجعة طبيب أسنان آخر وبعد عملية الفحص أتضح ان هناك جرثومة وجرحا في اللسان سببه الادوات المستخدمة في عملية تنظيف الاسنان.

والتقطت احدى الموجودات أطراف الحديث “طالبة عدم ذكر اسمها”: تدار بعض عيادات الاطباء الاختصاص المتمرسين من قبل طلاب متخرجين حديثا وذلك على مدار غيابهم عن العيادة، لذلك يقع المريض في مطب الخضوع الى الامر الواقع مهما كانت النتائج، وهذا ماحدث عندما وجدت عيادة طبيبة خاصة مازالت تستقبل مرضاها على الرغم من انتقالها خارج العراق، غير انها كانت تدار من قبل احدى المتدربات غير المتمرسات، وما ان أمسكت بيديها المرتجفتين اداة القلع حتى جرحت اللثة وسالت الدماء وغطت اجزاء من يدها وفقدت السيطرة على تدارك الموقف، استدعت الطبيب المجاور لعيادتها  ليعيد اصلاح ما اقترفته يداها المتردتتان. 

جلسات الألم

ويصف أحمد رسول( كاسب – 40 عاما) آلامه ومعاناته عندما خضع لثلاث جلسات في عيادة طبيب اسنان لتحشية أحد أسنانه قائلا:

قال لي بعض الأصدقاء ان بامكان الطبيب تحشية سني في جلستين فقط، لكن ذلك لم يتم إلا بخمس جلسات استمرت لأكثر من شهر، إذ قال لي الطبيب ان تحديد عدد الجلسات يعتمد على طبيعة اصابة السن، ومدى تغلغل النخر فيه. وبعد الفحص قال لي ان ثلاث جلسات كافية، لكنها تحولت إلى خمس نتيجة التهاب السن اثناء اجراءات تحشيته، وظهور مستجدات لم تكن متوقعة، وطوال هذه الفترة عانيت من آلام شديدة لا تطاق.

وتقول طبيبة الاسنان ايناس عبد الخالق: يعتقد البعض ان مشكلة تساقط حشوات الاسنان سببها نوعية حشوة الجذر غير ان السبب الحقيقي يكمن في السن نفسه، وفي ابتعاد بعض الاطباء عن أخذ اشعة للسن، وهذا امر غير صحيح، لان حشوة الجذر تحتاج الى اشعة، وإلى استعمال ادوات حشوة الجذر (الرايمر) والمعروف عند البعض بـ(الدنبوس) الذي يكون على طول الجذر ويصل الى اخر نقطة تتمركز فيها الجراحة عند الجذر، وهذا ما يسبب الالم لبعض المرضى، نتيجة عدم تنظيف الجراحة بصورة صحيحة بعد حشوة الجذر.

وتضيف عبد الخالق هناك نسبة كبيرة في فشل عمليات حشوة الجذر، التي يبتعد اغلب الاطباء عن توضيحها للمريض الحشوة الجيدة من 5 الى 7 سنوات وحشوة الجذر تختلف عن الحشوة الاعتيادية التي تغلف ظاهر السن فقط بينما حشوة الجذر هي حشوة قناة الجذر.وتشير عبد الخالق إلى  ان اغلب الذين يهتمون باسنانهم هم الشباب بينما كبار العمر يفضلون القلع لاسعاره الزهيدة، وتتطلب حشوة الجذر صرف مبالغ كبيرة ، وقد تسقط لأسباب مختلفة، فيضيع الجهد والمال  بلا مقابل من دون حسيب ولارقيب.

 قنابل موقوتة

 أثبتت الدراسات في وقت سابق مدى خطورة الزئبق الموجودة في الحشوات المعدنية المستخدمة في الأسنان على الجهاز العصبي ودوره في تدمير الخلايا العصبية ،حيث يتحلل الزئبق تدريجياً ويتم امتصاصه ليغزو الجهاز العصبي بما فيها المخ ويترسب في خلايا مما يحدث أعراضاً عصبية خطيرة ما لم تتم معالجتها في وقت مبكر، كما ان الزئبق  قد يكون سبباً في نشوء مرض الزهايمر، وانفصام الشخصية، والتوحد، والتصلب اللويحي المتعدد، وتصلب الجلد، والصدفية، والعقم، كما يسبب نقصاً في فيتامين B12 المهم لتكوين كريات الدم الحمراء ومن ثم حدوث فقر الدم ويسبب أيضاً نقص ذلك الفيتامين إلى حدوث أعراض عصبية تشمل عدم الاتزان والاحساس بالتنميل وقد تتطور إلى حدوث شلل رجعي في الأطراف السفلى وفي حالات نادرة إلى إغماءة وكان آخر هذه الدراسات في جامعة كاليفورنيا الأميركية العام 2003.

وأثبتت دراسة نظمتها منظمة الصحة العالمية (WHO) تؤكد ان حشوة واحدة من الأملغم تطلق مابين 3 – 17 ميكرجراماً من الزئبق يومياً، جاعلة حشوة الأملغم المصدر الرئيس للتعرض للزئبق.ووفقاً لوزارة الصحة الألمانية التي تقول: «تعد حشوة الأملغم خطراً على صحة الإنسان من الوجهة الطبية وذلك يعود إلى انطلاق أبخرة الزئبق من حشوات الأملغم يومياً من جراء مضغ العلك أو تفريش الأسنان، وحشوة الأملغم تتآكل وتصدأ وتفسد مع الوقت، والطريقة المثلى هي ازالة الحشوة واستبدالها ما بين 7 – 10 سنوات من تاريخ تركيبها.

وفي ألمانيا منع بيع وصناعة حشوات الأملغم منذ العام 1992، وفي السويد، وبعد مؤتمر خاص حدد الأملغم على انه مادة سامة وقامت الشؤون الاجتماعية والإدارات الصحية بعمل اعلان ضد استخدام حشوات الأملغم في علاج الأسنان للمرأة الحامل. واكثر من ذلك وعدت السويد بتحريم الأملغم حالما يوجد البديل، وتقوم الحكومة بدفع 50بالمئة من تكاليف نزع حشوات الأملغم. وطالب عدد كبير من اطباء الاسنان في أميركا و ألمانيا والسويد والدنمارك بتحريم هذا النوع من الحشوات.

التصنيفات : ارشيف الاخبار
استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والاعلان