النجف نيوز – البيت.. بغداد.. من يعمر ومن يخرّب؟
بقلم / نبيل ياسين كانت بغداد حين كنا طلابا في الابتدائية تتوقف عند حدود علاوي الحلة. كانت المأمون ابعد حي بغدادي عن كرادة مريم. وكانت البساتين تحيط بغداد
بحيث أن بساتين علي البياع كانت بعيدة ولا تلوح للناظر إلا إذا توجه على طريق الحلة – كربلاء. وكنا نسمع أخبارا من حوارات الناس عن منع البناء في الأراضي الزراعية حتى سمعنا بعد ذلك بعشرين عاما أن احمد حسن البكر، رئيس الجمهورية في السبعينيات قد منع إكمال بناء بيت وزير الثقافة آنذاك شفيق الكمالي الذي بناه على ارض زراعية على نهر دجلة في منطقة الكريعات
الدولة هي مجموعة القوانين التي تصون حقوق الأفراد وحقوق المجتمع وتضع حدودا للتجاوز على ما هو ملكية مشتركة مثل الماء والهواء. وكانت الأراضي الزراعية، رغم وجودها بيد مالكين خاصين وإقطاعيين وغيرهم، تعتبر ملكا للمجتمع تزوده بالطعام لكي يبقى على قيد الحياة. وإذا كان مالكها قادرا على بيعها فانه لم يكن قادرا على تحويلها إلى أراض سكنية مما حفظ الثروة الغذائية للعراق رغم تعسف الأنظمة واستبدادها سياسيا.
جاء الطاغية وطغت معه استباحة ملكية المجتمع وحقه في العيش وتناول الغداء. شن حربا وعوض قتلاها ووقودها بأراض زراعية لكي يبنوا بيوتا بعد أن أباح الاستيلاء السكني على كل قطعة خضراء داخل أحياء بغداد حتى تحولت المدينة إلى قطعة اسمنت متراصة تخزن من الحرارة أكثر مما تخزن من الماء، وتحتشد بالناس والأثاث والأجهزة الكهربائية والحديد والزجاج والطابوق والاسمنت أكثر مما تحتشد بالأرصفة والحدائق والورود والأشجار والسواقي وزهو ألوان الطبيعة
كانت ( ثقافة ) الطاغية في الأصل تنبع من علاقة متضادة مع الطبيعة. ولذلك يروى انه كان يستعمل متفجرات لصيد السمك، وكان يقطع الأشجار لكي لا تحجب أحدا أو تظلل شخصا ما. وكانت الناحية الأمنية بالنسبة له تقتضي تدمير الحياة ولذلك لم يكن يتمتع بشيء طالما أن متعة السلطة تتفوق على متعة الطبيعة والورد والنسيم والماء والجبال والأشجار والناس والشوارع والشرفات والعصافير والبلابل والحمام والممرات المعشبة. لذلك دمر الطبيعة لأنها ضد متعة السلطة وأمنه وحول العراق من بلاد الرافدين إلى بلاد الوحشتين، وحشة الموت ووحشة الحياة، وحول العراق من ارض السواد الأجود إلى ارض القماش الأسود.
اليوم تنشغل أوروبا بحياتها بشكل جديد هو الحفاظ على حياة البشر من خلال الحفاظ على حياة الطبيعة فكثرت جمعيات حماية البيئة وأخضعت المساحات الخضراء للرقابة من اجل عدم تلوثها وإبقائها حية تتنفس لكي يتنفس الناس ولكن أمانة بغداد ومن فيها؟ (اللجنة العليا للتصميم الأساس لمدينة بغداد) التي خالفت العالمين ولم تقرأ الحمد لله رب العالمين على نعمة الزرع والضرع فقررت تحويل ما هو طبيعة إلى خراب وما هو للأجيال القادمة لخدمة جيل من الجشعين الذين لا يختلفون عن طغاة وفراعنة الزمن القديم والحديث فقررت، كما هو حاصل في المحافظات أيضا، تحويل العمران إلى خراب محققين قول الشاعر
ويكافأون على الخراب رواتبا
واني أتساءل كم يدفع العراقيون من اجل البناء وكم يدفعون من اجل الخراب، وإذا اجبنا سيتضح أن العراقيين يدفعون من اجل تخريب حياتهم وبلدهم وتخريب حياة أبنائهم ومستقبلهم لجماعات امتهنت التخريب مهنة تدر ما في خزائن قارون من الأموال
ابقوا قليلا لمن وراءكم أيها المسؤولون فحتى عمر بن الخطاب استمع لنصيحة علي بن أبي طالب بإبقاء ارض السواد للأجيال القادمة فلم يقسمها بين المقاتلة وإبقاءها بيد أصحابها قبل الفتح يؤدون عنها الخراج لكي يعيش الناس. لكن خلفاءنا اليوم وولاة مدننا قطعوا الأشجار وجففوا الضروع واستغلوا عملية الاستيلاء على السلطات التنفيذية والإدارية لاقتسام مغانم البلاد وحولوا البلاد إلى ملك صرف لهم يكفي لإعالة أحفاد أحفادهم بصفة مليونيرية
وأتذكر أني قلت في استفتاء شفهي أجراه صديقنا الدكتور صاحب الحكيم قبل سقوط النظام في وقت استراحة إحدى اجتماعات قوى المعارضة في لندن ردا على سؤال ماذا ستفعل بعد سقوط صدام والعودة إلى العراق فقلت دون تردد: أبيع بيتي في بغداد بعد استرداده من مغتصبه واشتري قطعة ارض زراعية في الضواحي لأعيش فيها وازرعها واكتب واقرأ واذهب إلى بغداد كل شهر مرة، وكان الصديق صاحب قد قال إني سألت الكثيرين فمنهم من قال انه يريد أن يكون سفيرا والآخر يريد أن يكون وزيرا والآخر يريد أن يكون رئيسا للوزراء وبعضهم يريدون أن يكونوا محافظين في محافظاتهم وقد اتضح أن العراق قد تحول من ارض زراعية إلى ارض سكنية عشوائية بدون تخطيط ولا جماليات ولا دراسات بيئية
وإذا عدنا إلى الموضوع رسميا فقد قال مسؤول وطني في أمانة العاصمة: إن اللجنة وافقت على استعمال القطعة المرقمة (44/7/1) إلى جزأين الأول ترفيهي بمساحة (38) دونماً ضمن المساحة المطلة على نهر دجلة والجزء المتبقي إلى سكن عمودي وكذلك تغيير استعمال القطعة المرقمة (13/6/2338) نعيرية وكيارة إلى سكن عمودي. وبين المسؤول أن القوانين تمنع التجاوز الجائر على المناطق الخضراء التي تسعى جميع المدن لزيادة حجمها لا تقليصها وللأسف على أيدي جهات حكومية ممثلة بأمانة بغداد التي وعلى ما يبدو أنها نسيت درج الجهة المستفيدة من هذه المجمعات السكنية التي وصفتها بمجمعات سكنية ترفيهية. وأضاف انه طلب ولأكثر من مرة أن تكون العقود المبرمة ما بين الأمانة وأي جهة أخرى تحت رقابة مجلس المحافظة الذي يعد الجهة الرقابية للعاصمة والتشريعية المخولة من قبل سكان العاصمة، لكن رفض الأمانة المستمر لهذا الأمر يضع جميع إعمالها قيد التشكيك».
وارتباطا بهذه الظاهرة وهي ظاهرة تخريب العراق وبيعه التي يتشدق بها مسؤولون كثيرون يدعون الوطنية وهم يبيعونه بعضهم لبعض أو لغيرهم ممن يدفع اليوم هناك ظاهرة أخرى في سلسلة حلقات تخريب البلاد فقد اقر أعضاء في لجنة النزاهة النيابية بوجود أعضاء في البرلمان يمارسون الابتزاز بحق المسؤولين في الحكومة من خلال تهديدهم بفتح الملفات التي تخص دوائرهم من اجل الحصول على مكاسب مادية وأكدت نائبة في لجنة النزاهة أن هنالك الكثير من أعضاء مجلس النواب يستثمرون مناصبهم ولجانهم لابتزاز الكثير من المسؤولين. وأضافت أن ظاهرة الابتزاز داخل لجان مجلس النواب موجودة عند بعض أعضائها وأن بعض النواب يساومون من اجل الحصول على مكاسب مادية وإذا لم يحصل عليها يلجأ النائب للاستجواب من قبل اللجنة التي ينتمي إليها. وأشارت إلى أن الاستجواب لا يخلو من أن تكون في طياته جوانب سياسية. فيما أكد نائب آخر وهو عضو لجنة النزاهة وجود عدد قليل من أعضاء مجلس النواب يمارسون الابتزاز بحق المسؤولين في الحكومة من خلال تهديدهم بفتح الملفات التي تخص دوائرهم. وقال أن هؤلاء الأعضاء أعدادهم قليلة جداً ولا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة وأنّ أغلب أعضاء مجلس النواب هم ممثلون حقيقيون للشعب ويمثلون رغبته في محاربة الفساد».
ولسوء الحظ فان عدد أصابع اليد الواحدة في العراق لم يعد خمسة أصابع وإنما عشرات أو مئات. بينما اقرأ في صحف لندن أخبارا سعيدة وأخرى طريفة وثالثة لطيفة ورابعة خفيفة فالسعادة لا تأتي من نواب ومسؤولين يرتعون بلحم العراق. فقد نشرت إحدى الصحف صورة من عصر الستينيات لمغني فرقة البيتلز بول مكارتني وهو يعزف على البيانو وفي فمه سيكارة وقالت في التعليق: يوم 25 آي 1965 مكارتني يجلس في اللحظة التي سيغير فيها الموسيقى إلى الأبد. وهي صورة لم تنشر من قبل. لا اعرف لماذا رحت أقارن بين سوق الغنم وسوق الموسيقى، فسوق الموسيقى لا يشبه سوق الغنم. إذ أن سوق الغنم منذ الأزل هو (جوبة) كما يسميها البغداديون يؤتى بالغنم إليها لتعرض على المشترين ولم تتطور ثقافتها إلى الحد الذي يؤمّن لنا ثقافة بناء مدن حديثة تجعل من محافظ لندن بوريس جونسون ينضم إلى تظاهرات خرجت احتجاجا على تقليص جامعة لندن لدروس الكلاسيكيات والفلسفة في كلية هولوي الملكية كما تجعل من الصحفي والمنتج لويس ثيوركس مضطرا للعيش أربعة أسابيع في سجن ميامي سيئ السمعة الذي يضم اخطر السجناء ويصور فيلما وثائقيا عن حياة السجناء ونظامهم وستدفع قنوات التلفزيون مئات الآلاف من الدولارات لشراء الفلم ولتحقيق أهمية الصحافة التحققية ودورها في حياة الدولة ونظامها القانوني وفي حياة المجتمع ونظامه الأخلاقي في وقت تصرف فيه العراقية، قناة الدولة، عشرات الملايين من الدولارات سنويا دون أن نرى فيلما وثائقيا واحدا مشغولا بمهنية ودراية عن قضية من قضايا العراق الأساسية التي تعد بالآلاف وتهذر(هذه لهجة جزائرية بمعنى تتكلم) مئات الأفواه بالنقاش حولها دون جدوى ويقدم عشرات المذيعين عملهم وهم ينظرون إلى المرآة أكثر مما ينظرون إلى أوراق أسئلتهم. ومنذ ثماني سنوات أصبحت الصحافة في العراق حرة دستوريا وتعدديا ومع هذا لا نقرأ ولا نسمع ولا نشاهد إلا تصريحات وخطابات وخلافات سياسية وحزبية بينما المجتمع يغرق مثل السفينة تايتانيك التي كانت في أول رحلة بين ليفربول ونيويورك في أوائل القرن العشرين، في وقت اقرأ فيه قصة اخطر مجرم عرفته بريطانيا في القرن الماضي مع صديقته في قضية شهيرة توجد في الموسوعات والقواميس هي قضية (جريمة المستنقعات الصخرية) في ضواحي مدينة مانشتسر التي حدثت عام 1965 وكان بطلها ايان برادي وصديقته ميار هندلي المنشورة صورتهما في آلاف الكتب والمجلات حتى اليوم باعتبارهما اكبر مجرمين في بريطانيا حيث قتلا خمسة أطفال ودفنوهما في المستنقعات الصخرية حول مدينة مانشستر. يبلغ برادي من العمر اليوم 71 سنة بينما توفيت صديقته في السجن عام 2002 وبعد أن قضى أكثر من نصف قرن في السجن حاول الإضراب عن الطعام لكي يموت ولكن إدارة السجن أجبرته بالقوة على تناول الطعام فأراد أن يقيم دعوى قضائية ضد إدارة السجن لأنها تصادر منه حقه في الموت ولم يكن لديه أي مبلغ لإقامة دعوى من هذا النوع لا تمولها الحكومة لأنها خارجة قانونيا حتى الآن عن حقوق السجين فاضطرت بعض الجمعيات الخيرية أن تجمع له مبلغا يعادل 15 ألف دولار لإقامة الدعوى التي خسرها لان القاضي رد دعواه واعتبر أن إدارة السجن مسؤولة عن حياته في السجن ولها الحق في إطعامه بالقوة. وبرادي واحد من أربعة سجناء مشهورين وسيئي السمعة حصلوا على مبلغ يعادل 200 ألف دولار لإقامة دعاوى ضد إدارة السجون التي يتواجدون فيها من اجل تحدي الظروف التي تواجههم
وقبل أن انتقل إلى الصدمة التي واجهت العاطلين عن العمل في لندن اقرأ أن خلافا نشأ بين رئيس البرلمان البريطاني جون بيركاو، وهو رئيس لا سلطة لديه سوى (ضبط) الجلسات بتنبيه النواب المتحدثين إلى النظام داخل المجلس إذا تجاوز احد عليه وهو يتخلى عن عضويته الحزبية، أيا كان الحزب الذي ينتمي إليه، خلال وجوده مديرا لجلسات البرلمان، وبين زوجته التي تريد الظهور في برنامج تلفزيوني حي ومباشر مثير للجدل منذ سنوات عنوانه (الأخ الأكبر)وهو برنامج شبه فضائحي يتابع طوال أربع وعشرين ساعة حياة أفراد من الجنسين في بيت منعزل سوى من الكاميرات المثبتة في كل زاوية لنقل ما يجري من تفاصيل في حياة المشاركين، والعنوان مأخوذ من رواية شهيرة بعنوان 1984 للكاتب البريطاني جورج اورويل الذي قلب السنة من 1948 إلى 1984 ليصور الحياة السياسية في عهد ستالين والأخ الأكبر ما هو إلا الرقابة على حياة المواطنين حتى وهم في الحمام
تريد زوجة رئيس البرلمان المشاركة وتقاضي مبلغ 120 ألف دولار وهي تبلغ من العمر 41 عاما وقوامها جميل وهي جميلة لكن زوجها قال لها(إن البرنامج فظيع تماما) وهي تعتبر المشاركة في البرنامج الذي سيصور في إحدى الجزر الهندية ممتعة وجذابة خاصة وان المؤسسات السياسية ستنتقدها على ذلك. لكن زوجها وهو من حزب العمال سابقا يعتقد أن حزب المحافظين سيستغل ذلك مما يؤثر على وظيفته. والجدل مستمر حتى تظهر أو لا تظهر مسس بيركاو التي تبدو في الصورة التي نشرتها الصحف (خوش مرة) من جميع النواحي
والآن إلى صدمة البطالة فقد نشرت الصحف في عناوينها الرئيسية وفي صفحاتها الأولى (وكأنهم يقلدوننا لأننا كنا أصحاب حضارة!!) أخبار الإحصائيات التي صدمت البريطانيين خاصة أرقام البطالة في لندن، والإحصائيات تقول أن البطالة على مستوى بريطانيا وصلت إلى 2 مليون و 490 ألف عاطل منذ الركود الاقتصادي حتى اليوم وفي لندن ارتفع العدد من 22 ألف عاطل إلى 400 ألف وهو ارتفاع مخيف وشكل صدمة، وما زاد الصدمة أن النساء يشكلن النسبة الأكبر من العاطلين وأن 1 من ٥ من الشباب بين 16 و24 عاما من العاطلين عن العمل
والصدمة الأخرى التي نشرتها الصحافة، وهي بعيدة جدا عن الصدمات التي يتعرض لها مجتمعنا الذي يعيش بقدرة قادر، هي مقتل عريس بريطاني وهو يسبح على شاطئ المحيط الهندي في إجازة شهر العسل مع زوجته فقد التهمه قرش ضخم وهو على بعد ستة أقدام عن الشاطئ. وبالطبع فان المجتمع البريطاني والصحافة البريطانية بطرانان حيث يهتمان بمقتل عريس بريطاني بينما يقتل آلاف ومئات العرسان في العراق دون أن يذكرهم احد ولدينا اسماك قرش إرهابية تستخدم المناجل لجز رؤوس ضحاياها من العرسان وتصبح القضية مادة سياسية للمنافسات والبطولات بدل أن يقف من يشجعها مجللا بالعار والشنار ومدانا قانونيا وأخلاقيا وسياسيا فقد تحولت السياسة من ممارسة لخدمة الناس إلى ممارسة لقتل الناس، ويخضع البشر في العراق لمعارك سياسية دونكيشوتية مع طواحين هواء السياسة دون أن يعرف الناس من القاتل فقد عرفنا من هو المقتول. المقتول هو الشعب والقاتل معروف للشعب وهو السياسة التي تجعل من الإرهاب والفساد والقتل والاختلاس والعقود الوهمية لتهريب وسرقة مليارات العراق وجهل وأمية وتزوير شهادات كثير من النواب والمسؤولين الحكوميين قضية سياسية بدل أن تكون أصلا قضية قانونية، أي قضية جرمية يعاقب عليها القانون بعيدا عن الصفقات السياسية، ومن الحكمة، هذا كانت لدينا أصلا حكمة وكان لنا بيت للحكمة، أن نفصل مابين القانون والسياسة ليكون المجرم مجرما بنظر القانون لا تستطيع الصفقات والمساومات السياسية تحويله إلى مادة للمزايدات، فعرس الدجيل جريمة قام بها قرش حي يرزق ولكن كما تسرب القرش الذي التهم العريس البريطاني إلى أعماق البحر يتسرب القاتلون من الإرهابيين في العراق إلى أعماق السياسة ويغيبون.
ينشغل العالم بفضائح تكتشف وتنشر مرة في العامين أو العام ولكننا كل يوم لنا فضيحة بحيث نعيش فضائح يومية ابسطها الفضيحة التي تعرف بفضيحة عقود النفط الوهمية ومبلغها مليار وسبعمائة مليون دولار ولم تنفع الاستجوابات وتبادل التهم ولا الاستقالات في الوصول إلى حقيقة الأمر كما هي العادة في عراق أدينت بسببه امرأة برتبة عقيد في الجيش الأمريكي بالسجن بسبب تلقي ودفع رشى. فقد أعلنت وزارة العدل الأمريكية أن القاضي ريغي والتون من مقاطعة كولومبيا أصدر الحكم بالسجن 12 شهراً على ليفوندا سيلف البالغة من العمر 57 سنة، بالإضافة إلى 3 سنوات من إطلاق السراح المشروط ودفع غرامة بقيمة 5 آلاف دولار إلى جانب إعادة 9 آلاف دولار من المبلغ الذي قبضته مقابل منح عقود بالعراق. يشار إلى أن سيلف اعترفت في حزيران 2008 بتهمتي الرشوة والتآمر بقضية منح عقود مشبوهة بقيمة 12 مليون لشركة كويتية عاملة في العراق، مقابل تلقي هدايا وأموال
وأقرت سيلف بقبول مبلغ 4 آلاف دولار نقدا، ورحلة إلى تايلاند بقيمة خمسة 5 آلاف دولار من متعاقد مجهول من أجل تحريك صفقة بقيمة 12 مليون دولار على شكل عقود لتشغيل مستودع لوزارة الدفاع الأميركية في العراق.
اشعر أنني أصبت بخامل كنت قد تساءلت عنها عام 1999 وأنا اكتب قصيدتي:
البيت
أحيا هنا
وأمدٌّ عبر فراسخِ الدنيا يدي
كي اقرعَ البابَ الذي غادرته
لأعود كهلاً نحو ذاك البيتِ
يجهلني المكانْ
مَنْ يفتحُ البابَ الذي غادرته؟
أمي ؟
أم الغرباءُ؟
أمْ أطفال أهلي:يسألونَ بدهشةٍ:
– من أنتْ ؟
ويسودُ صمتٌ .
مَنْ أنا ؟
هل عدتُ كالغرباءِ للبيتِ الذي غادرتُهُ
ملقىً على الماضي،
ومتكئاً على طرفِ الزمانْ
أنا ابنُ هذا البيتِ ،
ساكنُهُ.. وجوهرُهُ..
ومعناهُ الذي شغلَ الفلاسفةَ القدامى
واعتنى الفقهاءُ بالنصِّ الذي يعنيه:
بيتي ساترٌ لي من صروفِ الدهرِ
لكنَّ الوقائعَ لا تطابقُ موقفَ الفقهاءِ،
يا بيتي
ويابيتَ العراقيينَ ما أقساهُ من بيتِ
ما أقساهُ منذ السومريين القدامى،
آهِ يا بيتي،
وبيت الآلهاتِ،الكاهناتِ ، وبيتَ عشتارٍ
وبيتَ اللهِ
بيتَ كبير آلهة العراقِ
وبيتَ أمي
بيتَ أشيائي الصغيرة
بيتَ ألعابي
وأوراقي
وبيتَ قصائدي
– من أنتْ؟
لماذا تسأل الانسانَ مغتربا.. وحيدا. متعبا
هلا سألت البابَ
والشباكَ
والسطحَ الذي راقبتُ منه نجومَ هذا الكون
حيثُ البيتُ قبةُ كونِنا
والبيتُ فلسفةُ الخليقةِ
مخزنُ الأديان
دنُّ الروحِ عتّق ألفَ فلسفةٍ وفلسفةٍ
وحيث البيت حواءٌ وآدمُ والخليقةُ كلُّها
والبيتُ نقضُ النفي
في لغةِ الفلاسفةِ القدامى والشريعةْ
في حكمةِ الحكماء:
لو عاد الغريبُ لبيتهِ يشفى
لكن القصائد
ضمت المعنى الجديدَ لبيتنا: منفى